وترتكز هذه المنظومة على دور محوري لمركز علاج الإدمان التابع لوزارة الصحة من جهة وإسهامات الجمعيات المتخصصة من جهة أخرى بدعم من تعديلات تشريعية حديثة في قوانين مكافحة المخدرات عززت المسار العلاجي ووسعت من بدائل الحبس للمتعاطين ورسخت في الوقت ذاته حماية المبلغين وأسر المرضى.
وأكد متخصصان بهذا الشأن، في تقرير لـ«كونا»، أن التكامل بين العمل العلاجي والوقائي والأمني والتشريعي من شأنه توفير أرضية أكثر ملاءمة للتعامل مع إدمان المواد المخدرة والمؤثرات العقلية من منظور علاجي لا عقابي، كما أن من شأن ذلك المساهمة في تخفيف الأعباء الصحية والاجتماعية والاقتصادية جراء آفة المخدرات وتحصين المجتمع وأبنائه.
الشطي: برامج علاجية متدرجة وشاملة تستند إلى أسس علمية وتتعامل مع الإدمان
برامج علاجية متدرجة
وقال مدير مركز علاج الإدمان بوزارة الصحة الدكتور حسين الشطي إن المركز يمثل ركيزة أساسية في الحد من التعاطي ومكافحة المخدرات في الكويت، من خلال تقديم برامج علاجية متدرجة وشاملة تستند إلى أسس علمية وتتعامل مع الإدمان باعتباره مرضا مزمنا يمكن التعافي منه بدعم علاجي ونفسي واجتماعي متكامل.
وأضاف الشطي أن مركز علاج الإدمان يضم مبنيين رئيسيين، أحدهما المبنى القديم الذي يشمل المرحلة الأولى (سحب السموم)، والمرحلة الثانية (التقييم الأولي)، والمبنى الجديد الذي يمثل ما يعرف بـ«منزل منتصف الطريق» للعلاج المتقدم، في وقت تفوق الطاقة الاستيعابية للمركز الـ500 سرير موزعة على مختلف الأجنحة لعلاج الحالات.
وأفاد بأن المركز يستقبل المرضى البالغين من المواطنين والمقيمين ممن تجاوزوا سن 21 عاماً، موضحاً أن البرنامج العلاجي يمر بعدة مراحل تبدأ بمرحلة سحب السموم، التي تمتد عادة بين أسبوع وأسبوعين، ويتم خلالها التعامل مع الأعراض الانسحابية بصورة طبية بحتة، وبعد ذلك تأتي مرحلة التقييم الأولي التي تستغرق أسبوعاً إلى أسبوعين أيضاً، ويتم خلالها تقييم الحالة من الناحية النفسية والسلوكية والاجتماعية لتحديد احتياجات المريض وخطته العلاجية.
وأشار إلى أن المراحل المتقدمة من العلاج تشمل العيادات الخارجية والرعاية المستمرة ومنزل منتصف الطريق، فيما تقوم الرعاية المستمرة على حضور المريض يومياً إلى المركز لإجراء الفحوصات الطبية وحضور المحاضرات الجماعية ومقابلة الفريق العلاجي مع استمراره في ممارسة حياته وعمله.
البرنامج العلاجي يتضمن مرحلة سحب السموم ثم التقييم الأولي لتحديد الجدوى والعلاج
تقليل مرات الانتكاس
ولفت الشطي إلى أن الهدف من العلاج هو تقليل عدد مرات الانتكاس، وإطالة الفترة الفاصلة بينها وتقليل حدتها، على غرار ما يحدث في أمراض مزمنة أخرى كالسكري والربو التي تسجل نسب انتكاس سنوية قد تصل إلى 40 أو 70 في المئة رغم الالتزام بالعلاج.
وأضاف أن الدراسات تظهر أن نسب التعافي تختلف بحسب مرحلة الإدمان ودرجة التزام المريض بالبرنامج العلاجي، إذ قد تصل نسبة التعافي في المراحل المبكرة إلى نحو 80 في المئة، بينما تبلغ في الحالات المتقدمة حوالي 40 في المئة، في حين تعد نسبة الانتكاس في السنة الأولى من التعافي من بين الأعلى وقد تصل إلى 60 في المئة، لتتراجع لاحقاً مع استمرار المتابعة والعلاج، لافتاً إلى أن بعض من أتموا 20 عاماً في التعافي لا تتجاوز فرص انتكاسهم 5 في المئة.
وأضاف أن المركز يضم أجنحة مخصصة للحالات المختلفة، تشمل الأجنحة العامة للمرضى الداخلين طوعاً، وأجنحة للمرضى المحولين بموجب أحكام قضائية، إضافة إلى أجنحة مخصصة للنساء وأخرى للتشخيص المزدوج، وهي الحالات التي يعاني فيها المريض من الإدمان ومرض نفسي مصاحب، مثل الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب، وهذه الفئة تحتاج إلى تعامل علاجي خاص من الأطباء والطاقم الفني.
وأشار إلى أن بعض المواد المخدرة مثل «الشبو» أصبحت تشكل خطراً مضاعفاً، إذ يمكن أن تؤدي حتى عند تعاطيها بكميات بسيطة ولمدد قصيرة إلى ظهور أعراض ذهانية شديدة ومضاعفات نفسية معقدة، مضيفاً أن أبرز المواد التي يتعامل معها المركز حالياً تشمل الهيروين ومشتقات الكيميكال والشبو.
حماية المبلغين
الهدف من العلاج تقليل عدد مرات الانتكاس وإطالة الفترة الفاصلة بينها وخفض حدتها
من جانبه، ذكر رئيس مجلس إدارة جمعية «بشائر الخير» عبدالحميد البلالي أن التشريع الكويتي الجديد لمكافحة المخدرات يمثل خطوة متقدمة في الاتجاه الصحيح، إذ عالج معظم الثغرات الميدانية وفي مقدمتها تنظيم «شكوى الإدمان» وحماية المبلغين.
وأشار البلالي أن التعديلات على القانون تتكامل مع الجهود العلاجية في مركز علاج الإدمان والجمعيات المتخصصة لتقديم استجابة أكثر شمولية وفاعلية.
وأضاف أن «بشائر الخير» تعمل منذ عام 1993 بالتعاون مع وزارة الصحة لعلاج الإدمان والتأهيل الطبي والنفسي للمدمنين، وصولاً إلى مرحلة «منتصف الطريق» التي تهيئ المتعافي للاندماج في المجتمع، من خلال بيئة علاجية شبه مفتوحة يتحمل فيها مسؤولياته اليومية ويتعلم الالتزام والانضباط قبل العودة إلى حياته الطبيعية.








0 تعليق