سفير أوكرانيا لـ «الجريدة»: أسعدني سماع حرص الأمير على تعزيز التعاون مع بلادي

الجريدة الكويتية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في أول حوار يجريه بعد ساعات من تقديم أوراق اعتماده إلى سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، أكد سفير أوكرانيا لدى البلاد، د. مكسيم صبح، لـ «الجريدة»، عمق العلاقات الأوكرانية - الكويتية القائمة على الاحترام والدعم
المتبادل، معرباً عن تقدير بلاده الكبير للمواقف الكويتية الداعمة سياسياً
وإنسانياً.
واستعرض السفير في هذا اللقاء ملامح رؤيته للمرحلة المقبلة، وأولوياته لتعزيز التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية، إضافة إلى آفاق الشراكة في إعادة إعمار أوكرانيا وتوسيع التبادل التجاري والعلمي بين البلدين الصديقين. وفيما يلي تفاصيل الحوار:

* كيف تقيّمون مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية بين أوكرانيا والكويت؟

- أودّ في البداية أن أعرب لدولة الكويت وقيادتها السياسية عن خالص الشكر والتقدير على جهودها الحثيثة الرامية الى دعم الحوار الثنائي بين بلدينا الصديقين.

لقد تشرّفت قبل يومين بتقديم أوراق اعتمادي إلى سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، وخلال مراسم التقديم حظيت بشرف إجراء حديث ودّي ومثمر مع سموه، الذي قال لي: «يمكنك أن تعتبر الكويت بلدك الثاني». وذكر سموه أنه لم يسمع يوما عن أي حادثة حصلت مع أحد من الجالية الأوكرانية في الكويت.

ونقلت خلال تقديم أوراق اعتمادي تحيات رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، وأسعدني سماع حرص سمو الأمير على تعزيز التعاون بين الكويت وأوكرانيا.

كما أتقدم بخالص الشكر لسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، ووزير الخارجية عبدالله اليحيا، على دعمهما وتعاونهما من أجل تطوير العلاقات الأوكرانية -الكويتية في مختلف المجالات.

وفي العام المقبل، ستحتفل أوكرانيا والكويت بالذكرى الـ 33 لإقامة العلاقات الدبلوماسية التي انطلقت في 18 أبريل 1993، وكانت سفارة الكويت في كييف، التي افتتحت خلال أكتوبر 1995، أول بعثة دبلوماسية خليجية في أوكرانيا.

أما سفارة أوكرانيا بالكويت فقد بدأت عملها رسميا في فبراير 2003. وبعد شهر واحد، أرسلت أوكرانيا الى الكويت كتيبة للحماية من الإشعاع والأسلحة الكيماوية والبيولوجية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية (532 جنديًا و150 قطعة من المعدات)، بهدف حماية المدنيين الكويتيين من التبعات المحتملة لاستخدام أسلحة الدمار الشامل، وقد تم اتخاذ ذلك القرار، آنذاك، استجابةً لطلب حكومة الكويت بتاريخ 7 مارس 2003.

ونحن في أوكرانيا نفتخر بأننا استطعنا أن نسهم في حماية الشعب الكويتي من التطورات الخطيرة التي كان من المحتمل أن يشهدها الشرق الأوسط والخليج على خلفية التوترات والأزمات التي عصفت بالمنطقة في ذلك الوقت.

فالكويت، التي ذاقت مرارة العدوان الغاشم عليها، تقّدر أكثر من غيرها آلام وتجارب الشعب الأوكراني الذي يناضل اليوم من أجل حقّه في الحرية والاستقلال والسيادة.

* ما أولوياتكم الرئيسية كسفير جديد لتعزيز هذه العلاقات؟

- أولوياتي الأساسية تتمثل في تنشيط الحوار السياسي، وتنويع التعاون الاقتصادي والاستثماري، وتعزيز التنسيق والعمل المشترك في إطار المنظمات الدولية، ودعوة الكويت إلى المشاركة في جهود إعادة إعمار أوكرانيا.

ومن مهامي الرئيسة كذلك تشجيع الاستثمارات الكويتية للمساهمة في ترميم البنية التحتية الأوكرانية المتضررة. ولهذا أرى أن من المهم استئناف اجتماعات اللجنة الحكومية الأوكرانية - الكويتية المعنية بالتعاون الاقتصادي والتجاري والتقني بصفة منتظمة؛ علما بأن آخر اجتماع عقد بالكويت عام 2018.

ونحن نُقدّر عالياً الموقف المبدئي لدولة الكويت بشأن احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها ضمن حدودها المعترف بها دولياً، بما في ذلك مياهها الإقليمية، فضلاً عن تقديرنا العظيم للمساعدات الإنسانية التي قدّمتها الكويت للأوكرانيين منذ بداية العدوان الروسي علينا.

كما أننا نُعرب عن خالص امتناننا للكويت على دعمها لنا في إطار الأمم المتحدة، فقد كانت الكويت من أوائل الدول العربية التي دعت بقوة إلى ضرورة احترام استقلال أوكرانيا وسيادتها، وأكدت رفضها التام لاستخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات بين الدول، ونأمل في استمرار هذا النهج البنّاء في إطار المنظمات الدولية.

في المقابل، أوكرانيا على استعداد دائم للنظر بإيجابية في دعم طلبات الكويت للترشح للعضوية في مختلف الهيئات والمنظمات والمؤسسات والوكالات الدولية.

* ما مدى أهمية سياسة الكويت المتوازنة بالنسبة لكم، خاصة في القضايا الإنسانية والسياسية؟

- تشتهر الكويت بدورها الريادي في ترسيخ قيم السلام والتشجيع على الحوار، وتقديم المساعدات الإنسانية للشعوب المنكوبة والمستضعفة. وأنا على ثقة بأن الكويت قادرة على الاضطلاع بدور مهم في دعم أوكرانيا إنسانياً، بدءاً من المشاركة في مشاريع إزالة الألغام من الحقول والأراضي الزراعية الأوكرانية، وصولاً إلى إعادة إعمار المنشآت الحيوية، بما فيها مرافق الطاقة.

ونأمل أن تتمكن الكويت، بما تمتلكه من إمكانات وقدرات واسعة، أن تصبح أحد أهم شركائنا الدوليين في إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة في بلادي.

وعلى الصعيد السياسي، نثمّن موقف الكويت الثابت والداعم للقضية الأوكرانية في المحافل الدولية، إضافة إلى مساعداتها الإنسانية الكريمة.

*ما المساعدات التي قدّمتها الكويت لأوكرانيا حتى الآن؟

- يُعدّ إسهام دولة الكويت في مساعدة الدول المتضررة من النزاعات والكوارث الطبيعية والبيئية والتكنولوجية، بدءا بالشرق الأوسط، مرورا بإفريقيا، ووصولا الى أوروبا، مثالًا حقيقياً للريادة القائمة على مبادئ التضامن والقيم الإنسانية. وقد حظيت الكويت بتقدير واسع بقيادة صاحب السمو أمير البلاد على دعمها المتواصل للمبادرات الإنسانية برعاية الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

ومنذ 24 فبراير 2022، قدّمت الكويت مساعدات إنسانية للمواطنين الأوكرانيين النازحين والمنقولين قسرًا عبر وكالات الأمم المتحدة (بقيمة 4 ملايين دولار)، وأرسلت طائرتَي شحن محمّلتين بمساعدات إنسانية، وخصّصت مليون دولار لشراء 40 مولدًا كهربائيًا نُقلت إلى أوكرانيا في 25 سبتمبر 2023، قبيل فصل الشتاء.

ونأمل أن تنظر دولة الكويت بإيجابية في إمكانية تقديم الدعم لتزويد الشعب الأوكراني بالمعدات الأساسية اللازمة لتأمين التدفئة والإنارة خلال فصل الشتاء القارس البرودة.

*ما الذي تتوقعه أوكرانيا من الكويت على الصعيد الدبلوماسي والإنساني والاقتصادي؟

- تتمتع معظم البلدان العربية بنفوذ معتبر على الساحة الدولية، ويمكن للكويت، بوصفها دولة صديقة وشريكا تقليديا موثوقا، أن تؤدي دوراً مهماً في دعم الجهود الرامية إلى إحلال السلام عبر العالم. ونحن نعتمد على صوت الكويت المتوازن في المنظمات الدولية، وعلى دعمها المستمر للمبادرات الهادفة إلى استعادة العدالة وإعلاء الحق وسيادة القانون، تماشيا مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

أما على الصعيد الإنساني، وبصفتها شريكاً واعدا لأوكرانيا، تمتلك الكويت سمعة عطرة، وتتحلى بفرص حقيقية لتعزيز عملية تنفيذ المبادرات الإنسانية المهمة، ومنها دعم الجهود الدولية الرامية إلى إعادة الأطفال الأوكرانيين الذين رُحّلوا بشكل غير قانوني الى روسيا. وستكون أوكرانيا سعيدة بانضمام دولة الكويت إلى الائتلاف الدولي المعني بإعادة هؤلاء الأطفال.

وفي الجانب الاقتصادي، من المهم أخذ إمكانات أوكرانيا في الاعتبار، فهي تُعد من اللاعبين الاقتصاديين البارزين دوليا، وتُعرف بأنها «سلّة غذاء العالم».

ولا يقلّ عن ذلك أهمية إمكانات أوكرانيا في المجالات التكنولوجية والصناعية.

(كادر 1)

أهمية كبيرة للتبادل العلمي

قال السفير الأوكراني: «نولي أهمية كبيرة للتبادل العلمي، ونقدّر المنح الدراسية السنوية التي تقدّمها جامعة الكويت للطلاب الأوكرانيين الدارسين للغة العربية وآدابها. ونسعى لتعزيز هذا التعاون وتوسيعه، خاصة بين جامعة الكويت والجامعة الوطنية في كييف، من خلال مشاريع وبرامج مشتركة جديدة».

وأضاف: «كما ندعو الجامعات الكويتية للانضمام الى التحالف العالمي للدراسات الأوكرانية، وهي مبادرة دولية تجمع الجامعات والباحثين حول العالم، بهدف دراسة التاريخ والثقافة والواقع الأوكراني بصورة منهجية ضمن الأوساط الأكاديمية، مع الاستفادة من المِنح والشراكات الدولية لتطوير الدراسات الأوكرانية في الخارج».

وتابع: «نتطلع أيضا الى عودة الطلاب الكويتيين إلى مؤسسات التعليم العالي الأوكرانية، التي يقع جزء كبير منها الآن في مناطق آمنة نسبياً، وتواصل عملها باستقرار، مما يضمن مستوى رفيعًا من التأهيل الأكاديمي والتخصصي»، لافتاً إلى أن «الجامعات الأوكرانية تظل منفتحة على توسيع التعاون مع الشركاء الكويتيين، ومستعدة لاستقبال المزيد من الطلبة من دولة الكويت، كما نسعى لتنفيذ مشاريع ثقافية مميزة في الكويت، تُبرز من خلالها بصورة لائقة تنوّع وعمق التراث الثقافي والحضاري الأوكراني».

(كادر 2)

لا تأشيرة للكويتيين...

ودعوة لوسائل الإعلام

قال السفير صبح: «نتطلع إلى أن يعود السياح الكويتيون لزيارة أوكرانيا بعد انتهاء الحرب، وأن تُستأنف الرحلات الجوية المباشرة بين عاصمَتَي بلدينا»، لافتاً إلى أن «المواطنين الكويتيين يستطيعون السفر إلى أوكرانيا من دون تأشيرة منذ عام 2020، بشرط ألا تتجاوز مدة الإقامة 90 يومًا خلال 180 يوماً».

ودعا «وسائل الإعلام الكويتية إلى زيارة أوكرانيا، للاطلاع مباشرة على أن بلدنا، رغم استمرار العدوان، يواصل التطور والتحديث والتخطيط لمستقبله».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق