قالت وكالة “رويترز” إن الحكومة السورية تقدم العفو والمساعدات للعلويين لإصلاحات العلاقات، رغم أن بعض جهود المصالحة تتضمن “شخصيات مثيرة للجدل”، مضيفة أن الجهود التي تبذلها الحكومة السورية “تعتبر رمزية وسط حالة انعدام الثقة وانعدام الأمن المستمرة”.
وذكرت الوكالة في تقرير، نشر في 30 من كانون الأول، أنها رافقت أشخاصًا يعملون مع اللجنة الحكومية المُشكّلة للإشراف على هذه العملية في محافظتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين، والتي تُعرف رسميًا باسم اللجنة العليا لحفظ السلم الأهلي، وتحدثت إلى عشرات العلويين الذين تلقوا دعمها، وإلى 15 مسؤولًا أمنيًا علويًا سابقًا يعملون حاليًا مع الحكومة السورية.
وتحدث كل من اللجنة والمستفيدون منها عن “محاولة ناشئة ومثيرة للجدل تقودها الحكومة السورية لكسب ولاء العلويين في سوريا”.
وتهدف المبادرة الحكومية بحسب “رويترز”، لضمان مساعدة العلويين للحكومة الجديدة على بسط سيطرتها على المنطقة وإظهار تقدم في وعد الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، بالحكم لصالح جميع السوريين.
وتُدار هذه المبادرة وفقًا للوكالة، من قبل قادة سابقين من الفصائل المتناحرة خلال الحرب في سوريا التي استمرت 14 عامًا، وتقدم المساعدة المالية والوظائف والخدمات الطبية لمئات العلويين، بمن فيهم عشرات الرجال الذين حصلوا على عفو مقابل تعهدهم بعدم القتال مرة أخرى أو المساعدة في تسريح مقاتلين آخرين.
وقال عضو لجنة السلم الأهلي، حسن صوفان، إن الحكومة تعمل على موازنة جهودها تجاه العلويين مع الاحتياجات الهائلة للسكان السوريين عمومًا، بمن فيهم السنة المتضررون من حكومة الأسد.
وأكدت “رويترز” أنها تحدثت إلى عشرات المستفيدين من المبادرة، الذين كان من بينهم خير الله ديب، مشيرة إلى أنه كان مختبئًا لأسابيع بعد أحداث آذار الماضي التي شهدها الساحل السوري.
وأشارت الوكالة إلى أن ديب لم يكن يحمل سلاحًا، وساعد في الحفاظ على بقاء قوات الأمن الحكومية، لكن الأحداث التي شهدتها المنطقة في آذار الماضي، جعلته يعيش في حالة من الخوف، نتيجة الخشية من عمليات الثأر، قبل أن يحصل على وعد بالعفو ليخرج من مخبئه.
هذه الأحداث أدت إلى انهيار العلاقة الهشة بين العلويين، والحكومة السورية الجديدة، بحسب الوكالة، وقد حاول الحكام الجدد في سوريا منذ ذلك الحين إصلاح الضرر من خلال منح العفو لأشخاص مثل ديب وغيره، ممن جرفتهم “أعمال العنف” في آذار، وتقديم مساعدات اقتصادية محدودة للمجتمع الأوسع.
مظاهرات تطالب بالفيدرالية
وشهدت مدن وأرياف محافظتي اللاذقية وطرطوس ومناطق في حمص وريف حماة الغربي وسهل الغاب، في 28 من كانون الأول، مظاهرات في ساحات ونقاط تجمع رئيسة، وسط تشديد أمني وانتشار مكثف للقوات الحكومية.
وأطلق المتظاهرون شعارات تطالب بـ”وقف القتل” و”الفيدرالية” والعدالة، وتندد بالتفجير الذي حصل في مسجد “علي بن أبي طالب” بحمص، الجمعة، بالإضافة إلى مطالب بإطلاق سراح الموقوفين الذين جرى اعتقالهم بعد سقوط النظام السابق.
وجاءت الاحتجاجات تحت اسم “طوفان الكرامة” استجابة لدعوة أطلقها الشيخ غزال غزال، رئيس ما يعرف بـ“المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر”، في 27 من كانون الأول.
وحمل المتظاهرون لافتات تضمنت مطالب وشعارات منها: “الفيدرالية”، “لا للإرهاب”، “لا للقتل”، “لا للسلاح المنفلت”، بحسب ما أظهرته المقاطع المصوّرة والصور المتداولة.
وخرجت مظاهرة عند “دوار الزراعة” في مدينة اللاذقية وأخرى عند “دوار الأزهري”، إضافة إلى اعتصامات في حي القصور بمدينة بانياس الذي شهد أحداثًا دامية في آذار الماضي، و”دوار السعدي” في مدينة طرطوس.
ونقلت قناة “الإخبارية” عن قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، العميد عبد العزيز الأحمد، قوله، إن بعض العناصر التي وصفها بـ”الإرهابية التابعة لفلول النظام البائد” اعتدت على عناصر الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية في مدينتي اللاذقية وجبلة، مما أدى إلى إصابة بعضهم، وتكسير سيارات تتبع للمهام الخاصة والشرطة.
وقام محتجون من الطائفة العلوية في ريف جبلة بحرق صورة رئيس النظام المخلوع بشار الأسد عند دوار “محمد نصر” بعد كتابات جدارية مؤيدة له في المنطقة من قبل مجهولين، والتي رأوا أنها تهدف إلى “التشويش على مطالباتهم وحرف مسار الاحتجاجات السلمية”.
كما شهدت مدن القرداحة ومصياف وصافيتا والدريكيش والشيخ بدر وأريافها اعتصامات منددة بـ”قتل العلويين” ومنادية بـ”حق الإنسان بالعيش بأمان وكرامة”، وفق الهتافات، إضافة إلى مطالب بسحب السلاح المنفلت.
وبدأت أعداد المتظاهرين بالتراجع تدريجيًا بعد وقوع اشتباكات بين المحتجين ومؤيدين للحكومة في تجمعي “دوار الزراعة” و”دوار الأزهري” باللاذقية، وتجمع “دوار القصور” في مدينة بانياس بريف محافظة طرطوس، ومدينة حمص.
من جهة أخرى، نظّم موالون للحكومة السورية في جبلة وبانياس مظاهرات حملت هتافات مناهضة للشيخ غزال غزال.
وقالت قناة “الإخبارية السورية” الحكومية، إن قوى الأمن الداخلي نفذت انتشارًا مكثفًا لتأمين المواقع، مشيرة إلى أن المتظاهرين تجمعوا في وقفة احتجاجية تنديدًا بالتفجير في مسجد “الإمام علي بحمص”، ومطالبة بالإفراج عن المعتقلين.
وتأتي الاحتجاجات في سياق توترات مستمرة بالساحل السوري منذ سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024، إذ يطالب المتظاهرون بإطلاق سراح الموقوفين الذين يقولون إن معظمهم من المدنيين الذين اعتقلوا خلال حملات أمنية نفذتها قوى الأمن الداخلي التابعة للحكومة.
أخبار متعلقة :