أطلقت إمرأة باكستانية صفحة إلكترونية بعنوان "شقيقات في الروح" فتحولت إلى فسحة حرية لنحو 260 ألفاً من مواطناتها، يرفعن فيها الصوت ويتبادلن بصراحة الأحاديث والدعم في مواضيع عدة من بينها العلاقات العائلية والعنف الأسري.
وتقول القائمة على موقع كنوال أحمد "النساء في باكستان قويات حقاً. لدينا صوت لكن ليس لدينا ببساطة مساحة كافية لإيصاله".
وتوضح المرأة الثلاثينية لوكالة فرانس برس "كنت أريد توفير مساحة لتفرج النساء عن مكنوناتهن بصراحة من دون أن يعرضهن ذلك للهجوم أو المضايقات أو الأحكام".
وتتبادل المشاركات في المجموعة على "فيسبوك" المحظورة على الرجال، الأحاديث عن شتى المواضيع من العلاقات الحميمة إلى الطلاق مرورا بالعنف الأسري، في جو من الحرية بعيدا عن الأحكام النمطية الذكورية.
وتعاني باكستان، البلد المسلم المحافظ، انعداما صارخا في المساواة بين الجنسين كما أن النساء يترددن كثيرا قبل التحدث عن مشكلاتهن الشخصية. وتشكل المضايقات الإلكترونية آفة مستشرية في البلاد.
وفي إطار عملها سابقا كأخصائية تجميل، اعتادت كنوال أحمد جمع شهادات الفتيات المقبلات على الزواج مع ما يرافق هذه المرحلة من قلق وضياع في بلد تنتشر فيه الزيجات المدبرة وتشكّل النساء المتحررات استثناء في المشهد العام. وأطلقت عندها صفحة "سول سيسترز باكستان" (شقيقات في الروح) في آب/ أغسطس 2013
وحققت الصفحة نجاحاً سريعاً إلى أن باتت تضم 260 ألف عضو. كما تشهد منشوراتها ثلاثة إلى ستة ملايين نقاش شهرياً، وفق كنوال أحمد التي اختارتها "فيسبوك" في 2018 بين ستة آلاف مرشح ليكونوا من بين 115 "قائداً مجتمعياً" يستخدمون منصتها لمساعدة الآخرين، وليحصلوا من بعد على مساعدات.
وليست صفحة "شقيقات في الروح" مجرد منتدى إلكتروني، إذ إنها تشكّل مساحة لتبادل المساندة العاطفية للنساء اللواتي يحتجن إلى ذلك. كذلك يمكن للمستخدمات طلب مشورة قانونية غير رسمية.
وفيما تعرضت 90 % من الباكستانيات لشكل من أشكال العنف الأسري، وفق مفوضية حقوق الإنسان في باكستان، لا تمدّهن السلطات في إسلام آباد بنفاذ كاف إلى خدمات "الصحة والشرطة والقضاء والمساعدة الاجتماعية" لضمان سلامتهن وحمايتهن، وفق الأمم المتحدة.
محرمات اجتماعية
وتواجه الباكستانيات مروحة كبيرة من المحرمات الاجتماعية التي لا تستثني الوظائف الفيزيولوجية لجسم النساء، وهو ما يظهره الوسم المنتشر حديثا على مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد بعنوان "جسمي ليس سراً" والذي تداولته على نطاق واسع مستخدمات صفحة "شقيقات في الروح". ويؤشر ذلك إلى التطور الاجتماعي لدى بنات الجيل اللواتي عاصرن أخيراً تنامي حركة "أنا أيضاً".
وتقول كنوال أحمد "ثمة انزعاج كبير في مقاربة المواضيع المرتبطة بجسد المرأة إذ تبقى خارج البحث". وهذه الباكستانية اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي في مرحلة متأخرة للغاية لأنها "كانت تخجل كثيراً من الحديث عن جسمها مع أي كان".
وتشير الناشطة الحقوقية النسوية في لاهور عاصمة الشرق الباكستاني ناياب جوهر جان إلى أن "المنصة مهمة لأن نساء كثيرات لا يقبلن التحدث عن هذه المسائل في المنتديات العامة".
وفي عالم الإنترنت الباكستاني "الخاضع لهيمنة الذكور"، نجحت كنوال أحمد في "تحطيم هذه الحلقة المفرغة وكسرت بشكل من الأشكال الحواجز من خلال نشرها عبر يوتيوب برنامجاً يعالج مسائل نسائية حصراً"، بحسب جوهر جان.
ويستقطب البرنامج المنتج بفضل دعم مالي من "فيسبوك" والذي يبث أيضاً عبرها، مئات آلاف المشاهَدات.
ولم تفلت مثل هذه المبادرات من الانتقادات، إذ اتُّهمت مؤسسة صفحة "شقيقات في الروح" بالترويج للطلاق ولسلوكيات "خارجة" عن العرف السائد، فيما تأخذ عليها جهات تقديمة إفساحها في المجال أمام تشارك آراء المحافظين.
كذلك نشأت مجموعات أخرى سعى القائمون عليها إلى سحب أعضاء هذه الصفحة، من دون النجاح في ذلك. وكتبت كنوال أحمد عبر تويتر أخيرا "في كل مرة يغير فيها أحدهم رأيه أو نسجل لدينا نجاحات، نشعر فورا بالرضى".
وانتقلت كنوال أحمد أخيرا للعيش في كندا حيث تتابع كفاحها من أجل تغيير مجتمع "يخاف النساء اللواتي يسمعن صوتهن".
0 تعليق