تركيا واليونان.. هل تشتعل البحار أم تستمر حالة اللاسلم واللاحرب؟ (تحليل)

مصر العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حالة عنيفة من اللاسلم واللاحرب تعيشها تركيا واليونان حاليًّا في البحر المتوسط وبحر إيجة، وهي حالة تزازد عنفًا وتتأرجح بشكل حاد بين احتمالات متعددة، أكبرها حرب شاملة قد تتحول لمواجهة إقليمية، وأصبح أقلها الآن عقوبات أوروبية، وربما أمريكية، غير مسبوقة على تركيا.

 

لذلك، لن تتوقف التحليلات عن محاولة استشراف ما يمكن أن يحدث في هذه البقعة الساخنة، والتمداخلة إقليميا والمعقدة دوليا بشكل كبير.

 

الوضع بالفعل معقد بين اليونان وتركيا، ففي 26 أغسطس المنصرم، أعلن رئيس الوزراء اليوناني "كيرياكوس ميتسوتاكيس" توسيع حدود بلاده في البحر الأيوني على طول ساحلها الغربي من 6 أميال بحرية إلى 12 ميلًا بحريًا، وهو أقصى حد بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. (البحر الأيوني هو البحر الموجود بين اليونان وإيطاليا، وهو جزء من البحر المتوسط، ويتصل من شماله بالبحر الأدرياتيكي بين إيطاليا ودول البلقان).

 

أزمة بحر إيجة

 

ولم تتخذ اليونان خطوة مماثلة في البحر الأبيض المتوسط ​​وبحر إيجه، بالرغم من أن "ميتسوتاكيس" قال إن اليونان تحتفظ بالقدرة على ممارسة هذا الحق في المستقبل إذا اختارت ذلك.

 

منذ السبعينيات، اعتبرت السياسة التركية أن أي توسيع للمياه الإقليمية اليونانية من 6 أميال بحرية إلى 12 ميلًا بحريًا في بحر إيجه هو "إعلان للحرب".

 

تجنّبت اليونان منذ فترة طويلة إعلان منطقة اقتصادية خالصة في البحر الأبيض المتوسط ​​لتجنب الصراع مع تركيا.

 

وكانت الاتفاقيات البحرية الأخيرة بين اليونان وإيطاليا ومصر هي المرات الأولى التي توقع فيها مثل هذه الاتفاقيات.

 

يدور النزاع حول ما إذا كانت الجزر اليونانية، مثل كريت وكاستيلوريزو تتمتع بنفس المستوى من الحقوق والحدود مثل دول البر الرئيسي الكبيرة ذات الخطوط الساحلية الطويلة، مثل تركيا.

 

خلال العام الماضي، نفذت تركيا تحركاتها البحرية لدعم موقفها بأن هذه الجزر لا يمكنها المطالبة بنفس الحقوق، مما يمثل تحديًا لليونان واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

 

وسيؤدي استخدام جزر كريت وكاستيلوريزو وجزر أخرى في ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى تضييق الحدود البحرية لتركيا بسبب العدد الكبير من الجزر اليونانية الصغيرة التي تقع قبالة سواحل تركيا مما يؤدي إلى توزيع غير عادل للمياه الإقليمية بينها وبين اليونان.

 

كانت سفينة المسح الزلزالي "أوروتش رئيس" التركية تتحدى بوضوح قدرة كاستيلوريزو ​​على إنشاء منطقة اقتصادية خالصة وذلك من خلال عبور المياه بالقرب من الجزيرة.

 

اتفاقيات وتحديات

 

في أواخر عام 2019، وقّعت تركيا اتفاقية بحرية مع ليبيا تتحدى قدرة جزيرة كريت على التمسك بمطالبها في الجنوب والغرب.

 

وفي المقابل، تنص الاتفاقية البحرية بين اليونان ومصر صراحة على أن لجزيرة كريت الحق في مطالبها البحرية، لكن أثينا امتنعت عن إعلان المنطقة الاقتصادية الخالصة فيما يخص جزيرة كاستيلوريزو.

 

من المحتمل أن يتطلب الخلاف الجديد بين اليونان وتركيا حول هذه الادعاءات البحرية وساطة من قبل قوى خارجية لمنع التصعيد، بالرغم أن التوصل إلى حل تفاوضي للنزاع بينهما لا يزال غير مرجح.

 

ومن المحتمل أن تستمر تركيا في الدفاع بقوة عما تعتبره حقوقها الخاصة، فيما ستسعى إلى تجنب الإجراءات التي قد تؤدي إلى نشوب حرب مع اليونان أو عقوبات كبيرة من الاتحاد الأوروبي.

 

حوادث ومصادمات

 

لكن الوجود البحري الموسع للبلدين في البحر الأبيض المتوسط ​​سيزيد من خطر وقوع المزيد من الحوادث التي يمكن أن تزيد من تصعيد الموقف، كما يتضح من الاصطدام المحدود في 10 أغسطس الماضي بين الفرقاطات اليونانية والتركية بالقرب من كاستيلوريزو.

 

وبالرغم من دعوات اليونان لفرض عقوبات اقتصادية واسعة ضد تركيا، لم تسفر هذه الدعوات بعد عن دعم كبير من الاتحاد الأوروبي.

 

لكن تحديًا تركيًا مباشرًا لمطالبات اليونان الإقليمية البحرية حول جزيرة كريت أو في بحر إيجه، أو وقوع حادث كبير بين القوات البحرية المتنافسة، من شأنه أن يجعل مثل هذه العقوبات أكثر احتمالًا.

 

وإذا تطور النزاع البحري بين اليونان وتركيا إلى أزمة عسكرية أوسع بين العضوين في الناتو، فمن المرجح أن تدعم أوروبا والولايات المتحدة اليونان بإرسال المزيد من السفن البحرية إلى المنطقة وإجراء تدريبات عسكرية مع أسطولها البحري.

 

ومن شأن مثل هذا الانحياز الواضح أن يعزز اعتقاد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بأن الضرورات الأمنية لتركيا -مثل صد المسلحين الأكراد في شمال العراق- ليست على رأس أولويات حلف الناتو، مما يشجع أنقرة على الاستقلال الاستراتيجي.

 

قد يدفع الأمر تركيا إلى تقليص تعاونها مع حلفائها في الناتو وتعميق تعاونها الدفاعي مع روسيا، مما يزيد من توتر علاقات أنقرة مع الغرب.

0 تعليق