بيرم التونسى ابن الإسكندرية

المصرى اليوم 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اشترك لتصلك أهم الأخبار

لقد اتخذ بيرم التونسى الشعب موضوعا له، ولغة حياته أسلوبا له، فإذا جاء ذكر بيرم فكأننا ذكرنا بنت البلد وابن البلد وأصحاب الحرف على اختلافهم وبائع العرقسوس وحارة السد، حيث كانت عينا بيرم ناقدتين، ذكيتى الملاحظة فى دقة وعمق شديدين.

فهو منذ طفولته المبكرة كان يلازم مجلس والده مع علماء الدين ويختلف إلى المسجدين القريبين من بيته للتفقه فى علوم الدين، إلى أن التقى بعد سنوات بسيد درويش وألف له عدة أوبريتات أشهرها: شهرزاد، الباروكة وغيرهما، كما ألف له مقطوعات غنائية منها:

ضيعت مستقبل حياتى فى هواك

وازداد على اللوم وكتر البغددة.

وعند قيام ثورة 1919 واشتداد الهجوم على المستعمر أنشأ بيرم جريدة ( المسلة)، وأخذ ينشر فيها كثير من الأزجال والمقالات التى تنتقد الاحتلال فأوقفتها السلطات.

فانتقل إلى القاهرة وواصل حملته ضد الاستعمار مما دفع السلطات إلى السعى لدى الإنجليز حتى صدور الأمر بنفى محمود بيرم التونسى من مصر، ونفذ الأمر فى ليلة عيد الأضحى سنة 1920، واقتيد بيرم إلى سفينة حملته إلى مرسيليا وقد أمضى ثمانية عشر عاما فى منفاه، خمسة منها فى مرسيليا حيث عاش فترة مع العمال والحمالين، مشردا جائعا لا مأوى له، لكنه بعد ذلك كان يراسل بعض الصحف فى مصر كى يحصل على مكافآت تعينه على الحياة التعسة فى فرنسا. فلم يكن يستطيع توفير وجبة عشاء أو غداء، ثم عاد إلى مصر متسللا سنة 1938 على ظهر باخرة أبحرت إلى ميناء بورسعيد، وكان عمره وقتذاك خمسة وأربعين عاما.

ووقع الملك فاروق أمرا بالعفو عنه بعد تدخل شخصيات كبيرة بإيعاز من الشاعر والصحفى كامل الشناوى، وطلب منه أن يكتب زجلا يكون بمثابة اعتذار إلى الملك فاروق، حيث كان سبب ترحيله تلك القصيدة الزجلية التى عرض فيها بالملك فؤاد وزوجته نازلى وابنهما فاروق.

وحقيقة أنا لا أحب هذا النوع من الهجاء والخوض فى الأعراض حتى لو كتبه بيرم أو عباس محمود العقاد أو سواهما من الشعراء الذين اعتادوا التهجم على الحرمات والطعن فى شرف النساء والأسر بشكل عام.

وهناك الكثير من الأغنيات التى نرددها ونحفظها ونعجب بها ولا يعرف أغلبنا أنها لبيرم التونسى، وبحكم ولعى بالموسيقى والغناء فقد وقفت عند الأشهر والأشيع منها، فمما كتبه لأم كلثوم على سبيل التمثيل لا الحصر: غنى لى شوى، قولى ولا تخبيش يا زين، هو صحيح الهوى غلاب، القلب يعشق كل جميل، الحب كده، شمس الأصيل، أنا فى انتظارك، الأمل، الآهات، أهل الهوى يا ليل، الأولة فى الغرام.

أما الموسيقار محمد عبدالوهاب فلم يغن له سوى (محلاها عيشة الفلاح)، ولحن أغنيته (يا للى زرعتوا البرتقال) التى غنتها رئيسة عفيفى، وحتى الآن لم أجد تفسيرا لعدم التعاون بين بيرم وعبدالوهاب الذى قال عنه أحمد شوقى (لا أخشى على العربية إلا من بيرم).

وغنى له صالح عبدالحى (ليه يا بنفسج) التى تعد من أشهر الأغنيات المصرية وهى من لحن رياض السنباطى.

ومن أشهر ما غنى له فريد الأطرش: أحبابنا يا عين، هلت ليالى، حبيته لكن ما بقولشى، يا مالكة القلب.

وغنى له زكريا أحمد (يا صلاة الزين).

وغنت له ليلى مراد: من بعيد يا حبيبى باسلم.

وغنى له سيد درويش (أنا المصرى كريم العنصرين).

وقد غنى له أغلب المطربين والمطربات، وكذا لحن له أساطين التلحين فى مصر مثل: محمد عبدالوهاب، رياض السنباطى، فريد الأطرش، زكريا أحمد، سيد درويش، محمد القصبجى، على إسماعيل، أحمد صدقى، محمود الشريف، محمد فوزى، والكثير غيرهم.

لقد ترك بيرم ثروة شعرية حفظتها لنا الأصوات والأنغام، كما درس شعره وزجله فى الجامعات المصرية والأجنبية باعتبارها ظاهرة فريدة فى الحياة المصرية الإبداعية على المستوى الشعرى والسياسى والنقد الاجتماعى؛ فهو يتمتع بحس فكاهى ساخر فى شعره ونثره، وقد انعكس ذلك بشكل ملحوظ فى كتابته للأزجال والأغنيات، حيث عاش وسط الشعب سواء فى الإسكندرية أو فى القاهرة أو فى منفاه، وكان لديه خبرة حياتية عريضة أهلته لاكتساب التجارب والمعارف المختلفة.

  • الوضع في مصر

  • اصابات

    27,536

  • تعافي

    6,827

  • وفيات

    1,052

0 تعليق