"الصناعات الثقافية" تحتاج تدابير عاجلة لإنقاذ 100 ألف منصب

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هسبريس - وائل بورشاشن

الأربعاء 03 يونيو 2020 - 04:00

مليارا درهم هو قدر تأثير جائحة "كورونا" على قطاع الصّناعات الثقافية والإبداعية، وفق تقدير فدرالية الصّناعات الثقافية والإبداعية، التي دعت إلى "إجراءات استعجالية لإنقاذ 100 ألف منصب شغل مهدّد" بالمغرب بسبب الأزمة الرّاهنة.

وقدّرت فدرالية الصّناعات الثقافية والإبداعية أنّ 100 ألف منصب شغل مهدَّد بسبب الجائحة، بعد "الانتكاسة الحقيقية التي يشهدها قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية منذ بداية جائحة كوفيد-19 في المغرب، بتوقّف نشاط جميع فروعه، من سينما ونشر وفنون بصريّة، وسمعيّ بصريّ، وعروض حيّة، وحفلات موسيقية، ومسرح، ومعارض فنّيّة، ومهرجانات، وتنظيم تظاهرات...".

كما ذكرت الفدرالية التابعة للاتحاد العامّ لمقاولات المغرب أنّ ما يقرب من ألف ومائة مقاولة مغربية قد سجّلت، بسبب الأزمة، انخفاضا بنسبة سبعين في المائة من رقم معاملاتها، مع اضطرار جمعيات ثقافية مهيكلة إلى وقف نشاطها، فضلا عن عطالة آلاف المشتغلين في مجال المِهَن الحرّة المرتبطة بهذا القطاع، والفنّانين والتقنيين المشكّلين لمنظومة الإبداع والإنتاج الثّقافي بالمغرب.

وأوصت فدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية التابعة للاتحاد العامّ لمقاولات المغرب بـ"إعفاء الشّركات لمدّة تسعة أشهر من مجموعة من المستحقّات الضريبية على الدّخل، والصّندوق الوطني للضّمان الاجتماعي، والتغطية الصحية الإجبارية، من شهر أبريل إلى شهر دجنبر، قصدَ "الحفاظ على دخل العاملين بالقطاع في سنة 2020".

ودعت الفدرالية إلى "إنشاء صندوق خاصّ للطّوارئ، وإعادة إطلاق دعم مهنيّي قطاع الصّناعات الثقافية والإبداعية، بمختلف فروعه"، مع "حثّ الجهات والجماعات المحلية على رصد وصرف ميزانيّات مخصَّصَة للأنشطة الثقافية والإبداعية لسنة 2020"، و"تسريع تحديث القطاع، باعتماد النّصوص التشريعية التي يجب أن ترى النّور، من عقد للفنان، وقانون للمكتب المغربي لحقوق المؤلّف، وتمديد للتّأمين الإجباريّ عن المرض ليشمل المهنيّين، وتجويد لعملية إصدار بطائق الفنّانين، وتطوير للمنصّات الرقمية لنشر الإبداعات والإنتاج الثقافي، مع إطلاق برنامج للتّدريب المهنيّ...".

كما أثارت فدرالية الصّناعات الثقافية والإبداعية الحاجة إلى "مواكبة فاعلي القطاع لإنشاء منصّات رقميّة لعرض إبداعاتهم وأنشطتهم الثّقافيّة".

وقالت نائلة التازي، رئيسة فدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية برلمانية عن الاتحاد العامّ لمقاولات المغرب، إنّ سبب الدّعوة إلى إعفاء الشّركات المشتغلة في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية من الضرائب، في الشهور المقبلة، هو أنّها متوقّفة عن العمل منذ بداية "الحَجر الصّحّي"، مع العلم أنّ أيّ مشروع من مشاريع هذا الميدان يحتاج شهورا لإعداده، سواء في التّصوير السينمائي، والمهرجانات، أو في غيرهما.

وأضافت التازي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قائلة: "لا نعرف كيف سنخرج من الحَجر وكيف ستُصدَر الرُّخَص لجمع الجمهور وما إلى ذلك. وللحفاظ على الشركات الحالية محدودة العدد، ومناصب شغلها، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أنّه دون إعفاء لن تستطيع البقاء؛ فكيف يمكن لمدير شركة أن يُغرق نفسه بالقروض دون أن تكون له أيّ مداخيل؟ وإذا كان يشتغل، مثلا، في شركة للصناعات الثقافية والإبداعية ثلاثة عشر إلى عشرين مشغَّلا، فرواتبهم تقدَّر بـ 400 ألف درهم، وكيف سيؤدّي المشغّل هذه الرواتب لمدّة ستة أشهر دون أيّ مدخول؟ وكيف يمكنه استعادتها؟".

وتابعت رئيسة فدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية في الاتحاد العامّ لمقاولات المغرب، قائلة: "بالنسبة للمتاجر، على سبيل المثال لا الحصر، يمكنها أن تفتح أبوابها وتستأنف البيع، أمّا شركات الصناعات الثقافية والإبداعية فتحتاج وقتا، إلا مشاريع إبداعية مثل الأروقة، مع العلم أنّها بدورها ستمرّ من فترة صعبة مثل باقي المشاريع، لأنّه إذا كان يدخلها ثلاثمائة زائر في الفترة التي قبل الجائحة، لن يدخلها بعد رفع الحَجر إلا مائة".

وذكرت نائلة التازي أنّه حتى مع إقرار الإعفاءات الضريبية، سيحتاج الجميع إلى التّعاون، وأن يضحي أرباب شركات الصناعات الثقافية والإبداعية بجزء من رواتبهم، علما أنّه "ليس في هذا القطاع ربحٌ؛ فبالكاد يمكن تشغيل الناس وتأدية أجورهم وأجر المشغِّل".

وشرحت التازي دعوة فدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية إلى "مواكبة فاعلي القطاع لإنشاء منصّات رقميّة لعرض إبداعاتهم وأنشطتهم الثّقافيّة"، بالقول: "في هذا الحَجر، دخل الناس منازلهم، والكل يشاهد مواقع المشاهدة تحت الطلب، أو يسمع الموسيقى على الحواسيب والهواتف، أو يقرأ الكتب، فلم يجد النّاس إلا الثقافة خلال هذه المرحلة"، ثم استدركت مستفهِمَة: "لم ليست لنا منصّة خاصّة بالفيلم المغربي؟ فعندما ينتهي عرض أيّ فيلم في السّينما، لا يمكنك أن تشاهده"، مع استحضارها في هذا السياق مبادرة المركز السينمائي المغربي خلال "الحَجر" بعرض أفلام مغربية رقميا دون مقابل.

وأثارت رئيسة فدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية الحاجة إلى "منصّات تساعد الفنّانين، ويمكن تأدية مقابل لولوجها، في مجالات السينما أو الموسيقى أو الفنون المغربية، أو غيرها..."، وهو "ما نحتاج التفكير في كيفية القيام به".

تجدر الإشارة إلى أنّ فدرالية الصّناعات الثقافية والإبداعية تؤكّد أنّ هذه الصناعات "ضرورية لاستئناف الحياة الاجتماعية الطبيعية، وإنعاش القطاعات الاستراتيجية مثل السياحة، من خلال تنشيط المدن والجهات".

وترى في الجائحة "فرصة لتسريع إصلاح القطاع، من خلال اعتماد محورَين استراتيجيّين متكاملين وأكثر نجاعة في المستقبل"، يقوم أوّلهما على "مقاربة اجتماعية تستهدف الشّباب عبر تسهيل ولوجِهم إلى فضاءات الحياة الثقافية والاجتماعية، بغية تحفيز إمكاناتهم الإبداعية وتعزيز ازدهارها"، ويقصد ثانيهما "تطوير الصّناعات الإبداعية والثّقافية، وخلق منظومة ملائمة لإشعاع اقتصاد إبداعيّ حقيقيّ".

0 تعليق